Page 103 - Amna_ Hiat Arabic
P. 103

‫أوراق السياسات‬

‫عنوان الورقة‪ :‬فيروس كورونا‪ ..‬الجينوم والأمن الصحي‬

      ‫إعداد‪ :‬أ‪.‬د سيد عامر‬                            ‫فيـــروس كورونـــا المســـتجد إلـــى مجموعة‬                                   ‫ملخص الورقة‪:‬‬
‫أن عـــدد الطفرات المســـتجدة قـــد ربا على‬          ‫الفيروســـات التاجيـــة‪ ،‬التـــي تصيـــب الجهاز‬       ‫فـــي عـــام ‪2003‬م‪ ،‬دشـــن الرئيـــس الأمريكي‬
‫‪ 170‬طفرة‪ ،‬الأمر الـــذي يعني قدرة الفيروس‬            ‫التنفســـي‪ ،‬ويتميـــز بعنفـــه فـــي التحـــور؛‬       ‫الأســـبق «جورج بـــوش الابن»‪ ،‬حفـــل الانتهاء‬
‫علـــى «تطويـــر نفســـه» بشـــكل ســـريع مع‬         ‫حيـــث أشـــارت الدراســـات إلـــى تحولـــه إلـــى‬    ‫مـــن قـــراءة الجينـــوم البشـــري‪ ،‬الـــذي بلـــغ‬
‫شراســـة انتشـــاره وشـــدة عدوانيتـــه‪ .‬كمـــا‬      ‫ســـالتين منفصلتين على الأقـــل منذ بدء‬               ‫طولـــه مـــا يزيد علـــى ثلاثـــة بلاييـــن ومئتي‬
‫تعنـــي هـــذه الطفـــرات تغيـــ ًرا في ســـلوك‬      ‫تفشـــيه فـــي ديســـمبر الماضـــي‪ .‬ويمتلـــك‬         ‫ألـــف زوج مـــن الحـــروف الوراثيـــة‪ ،‬ومنـــذ‬
‫الفيـــروس فـــي انتقالـــه من فـــرد إلـــى آخر‪،‬‬    ‫الفيـــروس فـــي جينومـــه موقعيـــن تتجدد‬            ‫ذلـــك الحين ذخـــرت أوعيـــة النشـــر العلمية‬
‫وهـــو مـــا يجعـــل الوصـــول إلـــى لقـــاح‪ ،‬أو‬    ‫فيهمـــا الطفـــرات هما «إن» و»إس»‪ ،‬وتشـــير‬          ‫والتثقيفيـــة والصحيـــة بكثيـــر مـــن الأبحاث‬
‫مصل لعلاجـــه أو لتمكين الجهـــاز المناعي‬                                                                  ‫والمقـــالات التـــي تحـــاول إماطـــة اللثـــام عن‬
                                                     ‫التقاريـــر إلـــى أن حوالـــي ‪ % 70‬مـــن المرضى‬      ‫الـــدور الوظيفـــي‪ ،‬الذي يؤديـــه الكم الهائل‬
  ‫البشـــري مـــن التغلـــب عليه‪ ،‬أمـــ ًرا صع ًبا‪.‬‬                                                        ‫مـــن المورثات التـــي يحملها هـــذا الجينوم‪،‬‬
‫ومـــن العجيـــب أن يتعـــرف الباحثـــون علـــى‬      ‫قـــد أصيبـــوا بســـالة «إن»‪ ،‬الأكثـــر عدوانيـــة‬   ‫فـــي محـــاولات للحفـــاظ على الأمـــن الصحي‬
‫ســـر انتشـــار هـــذا الفيـــروس مـــن خـــال‬                    ‫والأســـرع انتشـــا ًرا مـــن «إس»‪.‬‬      ‫البشـــري مـــن خـــال الحمايـــة الجينيـــة أو‬
‫التراكـــم الطفـــري الهائل فـــي جينومه‪ ،‬ولا‬                                                              ‫العلاجية أو المناعية للجســـم البشـــري من‬
‫يســـتطيعون حتـــى هـــذه اللحظـــة التـــي‬          ‫ومنـــذ ظهور هذا الفيروس وانتشـــاره بين‬              ‫الأمـــراض الفتاكـــة‪ ،‬التـــي لـــم يكـــن معرو ًفا‬
‫تفشـــى فيهـــا الفيـــروس في نحـــو مليون‬           ‫البشـــر كالنار في الهشيم‪ ،‬تســـابق علماء‬             ‫لهـــا علاج مـــن قبـــل‪ ،‬والتي تســـببها كثير‬
‫ونيـــف مـــن الأشـــخاص‪ ،‬فيمـــا يقـــارب ‪190‬‬       ‫الحمض النـــووي في قراءة تسلســـله حتى‬                ‫مـــن المســـببات مثـــل العوامـــل البيئيـــة أو‬
‫دولـــة خلال ‪ 3‬أشـــهر‪ ،‬والتهم مـــا يربو على‬        ‫بلـــغ عـــدد الجينومـــات المقـــروءة بالكامـــل‬     ‫الوراثية‪ ،‬أو تســـببها الهجمات الفيروســـية‬
‫‪ 50000‬حالـــة وفـــاة ‪ -‬لا يســـتطيعون الوصول‬        ‫مـــع كتابـــة هـــذه المقالة مـــا يزيد علـــى ‪2000‬‬  ‫أو البكتيريـــة أو غيرهـــا‪ .‬كمـــا أدت هـــذه‬
‫إلـــى وســـيلة يكافحـــون بهـــا هـــذا الجائـــح‬   ‫جينـــوم‪ .‬ومن خلال مســـح ما يقـــرب من ‪48‬‬            ‫المعرفـــة دو ًرا مه ًّما فـــي تصميم كثير من‬
                                                     ‫جينو ًما وجـــد فريق من الباحثين (‪Cascella et‬‬         ‫الأدويـــة واللقاحـــات التـــي نجحـــت إلـــى حـــد‬
                               ‫المفاجـــئ‪.‬‬           ‫‪ )al., 2020‬مـــا يزيـــد على ‪ 120‬طفرة مســـتجدة‬       ‫كبير فـــي التغلب على كثير مـــن الأمراض‪،‬‬
‫ولـــذا قد يتبـــادر إلى الذهن تســـاؤل مهم‪:‬‬         ‫لهـــذا الفيـــروس في هـــذا العـــدد المحدود‬         ‫الأمـــر الذي ظـــن به العالم أنـــه بلغ في الأمن‬
‫هـــل مـــن الممكـــن مـــع التقـــدم التقنـــي‬      ‫من الجينومات‪ .‬ومن خلال دراســـة مســـحية‬
‫المذهل وســـرعة التعرف على ســـر انتشـــار‬           ‫قمـــت بها لما يزيد على مئـــة جينوم‪ ،‬تبين‬                               ‫الصحـــي مبل ًغـــا كبي ًرا‪.‬‬
‫الفيـــروس اســـتخدام وســـيلة نانونيـــة أو‬                                                               ‫وفـــي نهايـــة عـــام ‪2019‬م ومـــع بدايـــة عـــام‬
‫بيولوجيـــة للحيلولـــة دون تفشـــي مزيـــد‬                                                                ‫‪2020‬م‪ ،‬ظهـــرت في مدينـــة ووهان الصينية‬
‫مـــن العـــدوى أو لقطـــع الطريـــق علـــى هذا‬                                                            ‫ســـالة جديـــدة مـــن الفيروســـات‪ ،‬التـــي‬
‫الجائـــح حتى إذا دخل الجســـم يمكن إيقاف‬                                                                  ‫تصيـــب الجهـــاز التنفســـي البشـــري‪ ،‬مـــن‬
                                                                                                           ‫نفـــس فصيلـــة فيـــروس «ســـارس» الـــذي‬
                     ‫تكاثـــره فـــي الخلايا؟‬                                                              ‫ظهـــر فـــي ال ِجمـــال عـــام ‪2012‬م‪ ،‬وأصـــاب‬
‫مـــن خـــال خبرتـــي فـــي أبحـــاث الجينـــوم‬                                                            ‫كثيـــ ًرا مـــن البشـــر وأودى بحيـــاة مـــا يقـــرب‬
‫والمعلوماتيـــة الحيويـــة‪ ،‬بالإضافـــة إلـــى‬                                                             ‫مـــن ‪ 800‬شـــخص‪ ،‬وهـــذا الفيـــروس الجديد‬
‫قراءاتـــي في هذا المســـتجد‪ ،‬يمكن اقتراح‬                                                                  ‫أطلقـــت عليـــه منظمـــة الصحـــة العالميـــة‬
                                                                                                           ‫فـــي نهاية ينايـــر ‪2020‬م «كورونـــا فيروس ‪-‬‬
             ‫بعـــض الحلـــول فيمـــا يأتـــي‪:‬‬                                                             ‫‪ »19‬أو «كوفيـــد ‪ »19 -‬الـــذي جـــاءت تســـميته‬
‫أو ًلا‪ :‬التقنيـــات الجينيـــة‪ :‬بما أن الفيروســـات‬                                                        ‫مـــن شـــكله الخارجـــي؛ حيـــث ُي َغ َّلـــف بغلاف‬
‫التاجيـــة التـــي تصيـــب الجهـــاز التنفســـي‬                                                            ‫يطلـــق عليـــه باليونانيـــة «كورونـــم»‪،‬‬
‫تمتلـــك تشـــاب ًها كبيـــ ًرا فـــي تسلســـل‬                                                             ‫ولأنـــه ظهـــر فـــي نهايـــة عـــام ‪2019‬م فقـــد‬
‫جينوماتهـــا‪ ،‬خاصـــة المورثـــات التركيبيـــة‪،‬‬                                                            ‫جـــاءت تســـميته «كورونـــا ‪ .»19 -‬وينتمـــي‬
‫كالتـــي تســـهم فـــي تكاثـــر الفيـــروس‬
‫وتفشـــيه‪ ،‬وهمـــا منطقتـــا المـــورث «إس»‬
‫والمـــورث «إن»‪ ،‬اللذيـــن يمنعـــان الخلايـــا‬

‫‪103‬‬
   98   99   100   101   102   103   104   105   106   107   108